الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} {اقرأ} أوجد القراءة مبتدئا {باسم رَبِّكَ الذى خَلَقَ} الخلائق.
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)} {خَلَقَ الإنسان} الجنس {مِنْ عَلَقٍ} جمع علقة وهي القطعة اليسيرة من الدم الغليظ.
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)} {اقرأ} تأكيد للأوّل {وَرَبُّكَ الأكرم} الذي لا يوازيه كريم حال من ضمير اقرأ.
{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} {الذى عَلَّمَ} الخط {بالقلم} وأوّل من خط به إدريس عليه السلام.
{عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} {عَلَّمَ الإنسان} الجنس {مَا لَمْ يَعْلَمْ} قبل تعليمه من الهدى والكتابة والصناعة وغيرها.
{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)} {كَلاَّ} حقاً {إِنَّ الإنسان ليطغى}.
{أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)} {أَن رَّءَاهُ} أي نفسه {استغنى} بالمال. نزل في أبي جهل و«رأى» علمية و«استغنى» مفعول ثان و«أن رآه» مفعول له.
{إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)} {إِنَّ إلى رَبِّكَ} يا إنسان {الرجعى} أي الرجوع تخويف له فيجازى الطاغي بما يستحقه.
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)} {أَرَءَيْتَ} في مواضعها الثلاثة للتعجب {الذى ينهى} هو أبو جهل.
{عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} {عَبْداً} هو النبي صلى الله عليه وسلم {إِذَا صلى}.
{أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)} {أَرَءَيْتَ إِن كَانَ} أي المنهيّ {على الهدى}.
{أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)} {أَوْ} للتقسيم {أَمَرَ بالتقوى}.
{أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)} {أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ} أي الناهي النبي {وتولى} عن الإِيمان.
{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)} {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ الله يرى} ما صدر منه، أي يعلمه فيجازيه عليه، أي اعجب منه يا مخاطب من حيث نهيه عن الصلاة ومن حيث إنّ المنهي على الهدى آمر بالتقوى، ومن حيث إنّ الناهي مكذب متول عن الإِيمان.
{كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15)} {كَلاَّ} ردع له {لَئِنْ} لام قسم {لَّمْ يَنتَهِ} عما هو عليه من الكفر {لَنَسْفَعاً بالناصية} لَنَجُرَّنَّ بناصيته إلى النار.
{نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} {نَاصِيَةٍ} بدل نكرة من معرفة {كاذبة خَاطِئَةٍ} وصفها بذلك مجاز والمراد صاحبها.
{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)} {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أي أهل ناديه وهو مجلس يُتَّخذ ليتحدث فيه القوم، وكان قال للنبي صلى الله عليه وسلم- لما انتهره حيث نهاه عن الصلاة-: لقد علمت ما بها رجل أكثر نادياً مني لأملأنَّ عليك هذا الوادي إن شئت خيلاً جُرْداً ورجالاً مُرْداً.
{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} {سَنَدْعُ الزبانية} الملائكة الغلاظ الشداد لإهلاكه. في الحديث: «لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عياناً»
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} {كَلاَّ} ردع له {لاَ تُطِعْهُ} يا محمد في ترك الصلاة {واسجد} صلِّ لله {واقترب} منه بطاعته.
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} {إِنَّآ أنزلناه} أي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا {فِى لَيْلَةِ القدر} أي الشرف والعظم.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)} {وَمَا أَدْرَاكَ} أعلمك يا محمد {مَا لَيْلَةُ القدر} تعظيم لشأنها وتعجيب منه.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} {لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ليس فيها ليلة القدر فالعمل الصالح فيها خير منه في ألف شهر ليست فيها.
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)} {تَنَزَّلُ الملائكة} بحذف إحدى التاءين من الأصل {والروح} أي جبريل {فِيهَا} في الليلة {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} بأمره {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} قضاه الله فيها لتلك السنة إلى قابل و«مِن» سببية بمعنى الباء.
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} {سلام هِىَ} خبر مقدّم ومبتدأ {حتى مَطْلَعِ الفجر} بفتح اللام وكسرها إلى وقت طلوعه. جعلت سلاماً لكثرة السلام فيها من الملائكة لا تمرّ بمؤمن ولا بمؤمنة إلا سلمت عليه.
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)} {لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ مِنْ} للبيان {أَهْلِ الكتاب والمشركين} أي عبدة الأصنام: عطف على «أهل» {مُنفَكِّينَ} خبر «يكن»، أي زائلين عما هم عليه {حتى تَأْتِيَهُمُ} أي أتتهم {البينة} أي الحجة الواضحة وهي محمد صلى الله عليه وسلم.
{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2)} {رَسُولٌ مِّنَ الله} بدل من «البينة» وهو النبي صلى الله عليه وسلم {يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} من الباطل.
{فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)} {فِيهَا كُتُبٌ} أحكام مكتوبة {قَيِّمَةٌ} مستقيمة، أي يتلو مضمون ذلك وهو القرآن، فمنهم من آمن به ومنهم من كفر.
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)} {وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب} في الإِيمان به صلى الله عليه وسلم {إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جآءَتْهُمُ البينة} أي هو صلى الله عليه وسلم أو القرآن الجائي به معجزة له، وقبل مجيئه صلى الله عليه وسلم كانوا مجتمعين على الإِيمان به إذا جاء فحسده من كفر به منهم.
{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} {وَمَآ أُمِرُواْ} في كتابيهم التوراة والإِنجيل {إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله} أي يعبدوه فحذفت أن وزيدت اللام {مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} من الشرك {حُنَفآءَ} مستقيمين على دين إبراهيم ودين محمد إذا جاء فكيف كفروا به؟ {وَيُقِيمُواْ الصلاة وَيُؤْتُواْ الزكواة وَذَلِكَ دِينُ} الملة {القيمة} المستقيمة.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)} {إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين فِى نَارِ جَهَنَّمَ خالدين فِيهَآ} حال مقدّرة أي مقدّراً خلودهم فيها من الله تعالى {أولئك هُمْ شَرُّ البرية}.
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} {إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أولئك هُمْ خَيْرُ البرية} الخليقة.
{جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)} {جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جنات عَدْنٍ} إقامة {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهآ أَبَداً رَّضِىَ الله عَنْهُمْ} بطاعته {وَرَضُواْ عَنْهُ} بثوابه {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ} خاف عقابه فانتهى عن معصيته تعالى.
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض} حرّكت لقيام الساعة {زِلْزَالَهَا} تحريكها الشديد المناسب لعظمتها.
{وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)} {وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا} كنوزها وموتاها فألقتها على ظهرها.
{وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)} {وَقَالَ الإنسان} الكافر بالبعث {مَالَهَا}؟إنكاراً لتلك الحالة.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)} {يَوْمَئِذٍ} بدل من «إذا» وجوابها {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} تخبر بما عمل عليها من خير وشر.
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)} {بِأَنَّ} بسبب أن {رَبَّكَ أوحى لَهَا} أي أمرها بذلك. وفي الحديث: «تشهد على كل عبد أو أمة بكل ما عمل على ظهرها»
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)} {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس} ينصرفون من موقف الحساب {أَشْتَاتاً} متفرقين فآخِذٌ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار {لِّيُرَوْاْ أعمالهم} أي جزاءها من الجنة أو النار.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} زنة نملة صغيرة {خَيْراً يَرَهُ} يرى ثوابه.
{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} يرى جزاءه.
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} {والعاديات} الخيل تعدو في الغزو وتضبح {ضَبْحاً} هو صوت أجوافها إذا عدت.
{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)} {فالموريات} الخيل توري النار {قَدْحاً} بحوافرها إذا سارت في الأرض ذات الحجارة بالليل.
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)} {فالمغيرات صُبْحاً} الخيل تغير على العدوّ وقت الصبح بإغارة أصحابها.
{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)} {فَأَثَرْنَ} هيجن {بِهِ} بمكان عدوهنّ أو بذلك الوقت {نَقْعاً} غباراً لشدة حركتهن.
{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)} {فَوَسَطْنَ بِهِ} بالنقع {جَمْعاً} من العدوّ، أي صرن وسطه، وعطف الفعل على الاسم لأنه في تأويل الفعل أي واللاتي عدون فأورين فأغرن.
{إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)} {إِنَّ الإنسان} الكافر {لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} لكفور يجحد نعمته تعالى.
{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)} {وَإِنَّهُ على ذلك} أي كنوده {لَشَهِيدٌ} يشهد على نفسه بصنعه.
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير} أي المال {لَشَدِيدٌ} أي لشديد الحب له فيبخل به.
{أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)} {أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ} أُثير وأُخرج {مَا فِى القبور} من الموتى أي بعثوا.
{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)} {وَحُصِّلَ} بيّن وأفرز {مَا فِى الصدور} القلوب من الكفر والإِيمان.
{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)} {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} لعالم فيجازيهم على كفرهم. أُعيد الضمير جمعاً نظراً لمعنى الإِنسان، وهذه الجملة دلت على مفعول «يعلم» أي إنا نجازيه وقت ما ذكر. وتعلق «خبير» ب «يومئذ» وهو تعالى خبير دائما لأنه يوم المجازاة.
{الْقَارِعَةُ (1)} {القارعة} أي القيامة التي تقرع القلوب بأهوالها.
{مَا الْقَارِعَةُ (2)} {مَا القارعة} تهويل لشأنها، وهما مبتدأ وخبر: خبر القارعة.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)} {وَمآ أَدْرَاكَ} أعلمك {مَا القارعة} زيادة تهويل لها و«ما» الأولى مبتدأ وما بعدها خبره، و«ما» الثانية وخبرها في محل المفعول الثاني لأَدْرَي.
{يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)} {يَوْمَ} ناصبة دل عليه القارعة، أي تقرع {يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث} كغوغاء الجراد المنتشر يموج بعضهم في بعض للحيرة إلى أن يُدْعَوْا للحساب.
{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)} {وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش} كالصوف المندوف في خفة سيرها حتى تستوي مع الأرض.
{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6)} {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ موازينه} بأن رجحت حسناته على سيئاته.
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)} {فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} في الجنة، أي ذات رضا بأن يرضاها أي مرضية له.
{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)} {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ موازينه} بأن رجحت سيئاته على حسناته.
{فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)} {فَأُمُّهُ} فمسكنه {هَاوِيَةٌ}.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)} {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} أي ما هاوية.
{نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} هي {نَارٌ حَامِيَةٌ} شديدة الحرارة وهاء «هِيَهْ» للسكت تثبت وصلاً ووقفا. وفي قراءة تحذف وصلاً.
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} {ألهاكم} شَغلكم عن طاعة الله {التكاثر} التفاخر بالأموال والأولاد والرجال.
{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)} {حتى زُرْتُمُ المقابر} بأن متم فدفنتم فيها أو عددتم الموتى تكاثراً.
{كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)} {كَلاَّ} ردع {سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
{ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} سوء عاقبة تفاخركم عند النزع، ثم في القبر.
{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)} {كَلاَّ} حقاً {لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} أي علماً يقيناً عاقبة التفاخر ما اشتغلتم به.
{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)} {لَتَرَوُنَّ الجحيم} النار جواب قسم محذوف. وحذف منه لام الفعل وعينه وألقيت حركتها على الراء.
{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)} {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا} تأكيد {عَيْنَ اليقين} مصدر: لأنّ رأى وعاين، بمعنى واحد.
{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ} حذف منه نون الرفع لتوالي النونات وواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين {يَوْمَئِذٍ} يوم رؤيتها {عَنِ النعيم} ما يلتذ به في الدنيا من الصحة والفراغ والأَمن والمطعم والمشرب وغير ذلك.
{وَالْعَصْرِ (1)} 1 والْعَصْرِ} الدهر، أو ما بعد الزوال إلى الغروب، أو صلاة العصر.
{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} {إِنَّ الإنسان} الجنس {لَفِى خُسْرٍ} في تجارته.
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} {إِلاَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} فليسوا في خسران {وَتَوَاصَوْاْ} أوصى بعضهم بعضاً {بالحق} أي الإِيمان {وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} على الطاعة وعن المعصية.
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} {وَيْلٌ} كلمة عذاب، أو واد في جهنم {لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} أي كثير الهمز واللمز، أي الغيبة. نزلت فيمن كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كأمية بن خلف والوليد بن المغيرة وغيرهما.
{الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)} {الذى جَمَعَ} بالتخفيف والتشديد {مَالاً وَعَدَّدَهُ} أحصاه وجعله عدّة لحوادث الدهر.
{يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)} {يَحْسَبُ} لجهله {أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} جعله خالداً لا يموت.
{كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)} {كَلاَّ} ردع {لَيُنبَذَنَّ} جواب قسم محذوف أي ليطرحنّ {فِى الحطمة} التي تحطم كل ما ألقي فيها.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)} {وَمَآ أَدْرَاكَ} أعلمك {مَا الحطمة}.
{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)} {نَارُ الله الموقدة} المسعرة.
{الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)} {التى تَطَّلِعُ} تشرف {عَلَى الأفئدة} القلوب فتحرقها وألمها أشدّ من ألم غيرها للطفها.
{إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)} {إِنَّهَا عَلَيْهِم} جمع الضمير رعاية لمعنى «كل» {مُّؤْصَدَةُ} بالهمز وبالواو بدلها مطبقة.
{فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)} {فِى عَمَدٍ} بضم الحرفين وبفتحهما {مُّمَدَّدَةِ} صفة لما قبله فتكون النار داخل العمد.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)} {أَلَمْ تَرَ} استفهام تعجب أي اعجب {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحاب الفيل} هو (محمود)، وأصحابه: أبرهة ملك اليمن وجيشه، بنى بصنعاء كنيسة ليصرف إليها الحاج عن مكة، فأحدث رجل من كنانة فيها ولطخ قبلتها بالعذرة احتقاراً لها فحلف أبرهة ليهدمنّ الكعبة، فجاء مكة بجيشه على أفيال مقدمها (محمود) فحين توجهوا لهدم الكعبة أرسل الله تعالى عليهم ما قصّه في قوله:
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)} {أَلَمْ يَجْعَلْ} أي جعل {كَيْدَهُمْ} في هدم الكعبة {فِى تَضْلِيلٍ} خسار وهلاك؟
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)} {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ} جماعات جماعات؟ قيل لا واحد له كأَساطير، وقيل واحده: أبُول أو إبال أو إبيل كعجول ومفتاح وسكين.
{تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)} {تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ} طين مطبوخ.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ} كورق زرع أكلته الدواب وداسته وأفنته أي أهلكهم الله تعالى كل واحد بحجره المكتوب عليه اسمه، وهو أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة. يخرق البيضة والرجل والفيل ويصل إلى الأرض. وكان هذا عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)} {لإيلاف قُرَيْشٍ}.
{إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)} {إيلافهم} تأكيد وهو مصدر آلف بالمدّ {رِحْلَةَ الشتآء} إلى اليمن {وَ} رحلة {الصَّيْفِ} إلى الشام في كل عام يستعينون بالرحلتين للتجارة على المقام بمكة لخدمة البيت الذي هو فخرهم، وهم ولد النضر بن كنانة.
{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)} {فَلْيَعْبُدُواْ} تعلق به ل «إيلاف» والفاء زائدة {رَبَّ هذا البيت}.
{الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)} {الذى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ} أي من أجله {وَءَامَنَهُمْ مِّنْ خَوْفِ} أي من أجله وكان يصيبهم الجوع لعدم الزرع بمكة وخافوا جيش الفيل.
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)} {أَرَءَيْتَ الذى يُكَذِّبُ بالدين} بالجزاء والحساب، أي هل عرفته وإن لم تعرفه.
{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)} {فذلك} بتقدير هو بعد الفاء {الذى يَدُعُّ اليتيم} أي يدفعه بعنف عن حقه.
{وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)} {وَلاَ يَحُضُّ} نفسه ولا غيره {على طَعَامِ المسكين} أي إطعامه. نزلت في العاصي بن وائل أو الوليد بن المغيرة.
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)} {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ}.
{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} {الذين هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} غافلون يؤخرونها عن وقتها.
{الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)} {الذين هُمْ يُرَآءُونَ} في الصلاة وغيرها.
{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} {وَيَمْنَعُونَ الماعون} كالإِبرة والفأس والقِدْر والقَصْعَة.
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} {إِنَّآ أعطيناك} يا محمد {الكوثر} هو نهر في الجنة وهو حوضه تَرِدُ عليه أمته، والكوثر: الخير الكثير من النبوة والقرآن والشفاعة ونحوها.
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} صلاة عيد النحر {وانحر} نسكك.
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} {إِنَّ شَانِئَكَ} أي مبغضك {هُوَ الأبتر} المنقطع عن كل خير، أو المنقطع العقب. نزلت في العاصي بن وائل سمى النبي صلى الله عليه وسلم: أبتر، عند موت ابنه القاسم.
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} {قُلْ ياأيها الكافرون}.
{لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)} {لاَ أَعْبُدُ} في الحال {مَا تَعْبُدُونَ} من الأصنام.
{وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)} {وَلاَ أَنتُمْ عابدون} في الحال {مآ أَعْبُدُ} وهو الله تعالى وحده.
{وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4)} {وَلا أَنَآ عَابِدٌ} في الاستقبال {مَّا عَبَدتُّمْ}.
{وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)} {وَلاَ أَنتُمْ عابدون} في الاستقبال {مَآ أَعْبُدُ} علم الله منهم أنهم لا يؤمنون، وإطلاق «ما» على الله على وجه المقابلة.
{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} {لَكُمْ دِينُكُمْ} الشرك {وَلِىَ دِينِ} الإِسلام. وهذا قبل أن يؤمر بالحرب. وحذف ياء الإِضافة القراء السبعة وقفاً ووصلاً. وأثبتها يعقوب في الحالين.
{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله} نبيه صلى الله عليه وسلم على أعدائه {والفتح} فتح مكة.
{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} {وَرَأَيْتَ الناس يَدْخُلُونَ فِى دِينِ الله} أي الإِسلام {أَفْوَاجاً} جماعات بعد ما كان يدخل فيه واحد واحد، وذلك بعد فتح مكة جاءه العرب من أقطار الأرض طائعين.
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي متلبساً بحمده {واستغفره إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا} وكان صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة يكثر من قول: «سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه»، وعلم بها أنه قد اقترب أجله، وكان فتح مكة في رمضان سنة ثمان. وتوفي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأوّل سنة عشر.
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} {تَبَّتْ} خسرت {يَدآ أَبِى لَهَبٍ} أي جملته، وعبر عنها باليدين مجازاً لأنّ أكثر الأفعال تزاول بهما، وهذه الجملة دعاء {وَتَبَّ} خسر هو، وهذه خبر كقولهم: أهلكه الله وقد هلك. ولما خوفه النبي بالعذاب فقال: إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فإني أفتدي منه بمالي وولدي نزل:
{مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} {مَا أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} أي كسبه، أي ولده وأغنى بمعنى يغني.
{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} {سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} أي تلهُّب وتوقد فهي مآل تكنيته لتلهّب وجهه إشراقاً وحمرة.
{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)} {وامرأته} عطف على ضمير «يصلى» سَوَّغه الفصلُ بالمفعول وصفته، وهي أمّ جميل {حَمَّالَةَ} بالرفع والنصب {الحطب} الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم.
{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} {فِى جِيدِهَا} عنقها {حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} أي ليف. وهذه الجملة حال من «حمالة الحطب» الذي هو نعت ل«امرأته» أو خبر مبتدأ مقدّر.
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} فالله خبر «هو» و«أحد» بدل منه أو خبر ثان.
{اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} {الله الصمد} مبتدأ وخبر: أي المقصود في الحوائج على الدوام.
{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)} {لَمْ يَلِدْ} لانتفاء مجانسته. {وَلَمْ يُولَدْ} لانتفاء الحدوث عنه.
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} أي مكافئاً ومماثلاً و«له» متعلق ب «كفواً» وقُدِّم عليه لأنه مَحطُّ القصد بالنفي، وأَخَّر «أحد» وهو اسم «يكن» عن خبرها رعاية للفاصلة.
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق} الصبح.
{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} من حيوان مكلف وغير مكلف وجماد كالسم وغير ذلك.
{وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)} {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} أي الليل إذا أظلم، أوالقمر إذا غاب.
{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)} {وَمِن شَرِّ النفاثات} السواحر تنفث {فِى العقد} التي تعقدها في الخيط تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ريق. وقال الزمخشري معه كبنات لبيد المذكور.
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} أظهر حسده وعمل بمقتضاه كلبيد المذكور من اليهود الحاسدين للنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الثلاثة الشامل لها «ما خلق» بعده لشدّة شرها.
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس} خالقهم ومالكهم خُصُّو بالذكر تشريفاً لهم ومناسبة للاستفادة من شر الموسوس في صدورهم.
{مَلِكِ النَّاسِ (2)} {مَلِكِ الناس}.
{إِلَهِ النَّاسِ (3)} {إله الناس} بدلان أو صفتان أو عطفا بيان وأظهر المضاف اليه فيهما زيادة للبيان.
{مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)} {مِن شَرِّ الوسواس} أي الشيطان سمي بالحدث لكثرة ملابسته له {الخناس} لأنه يخنس ويتأخر عن القلب كلما ذُكِرَ الله.
{الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)} {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُوِر النَّاسِ} قلوبهم إذاغفلوا عن ذكر الله.
{مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} {مِنَ الجنة والناس} باين للشيطان الموسوس أنه جني أوإنسي، كقوله تعالى: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ} [112: 6] أو من الجنة بيان له (والناس) عطف على (الوسواس) وعلى كل شمل شر لبيد وبناته المذكورين، واعترض الأول بأن الناس لا يوسوس في صدورهم الناس إنما يوسوس في صدورهم الجن، وأُجيب بأن الناس يوسوسون أيضاً بمعنى يليق بهم في الظاهر ثم تصل وسوستهم إلى القلب وتثبت فيه بالطريق المؤدي إلى ذلك والله تعالى أعلم.
|